تسلط البذر في سماء عارية، فاستسلمت الصحراء، واستجابت الكائنات بالصمت، ابتهاجا بأفياض الضياء، وربما استغراقا في ممارسةالصلاة، صمت مريب ينبئ بالعدم، كأن لا وجود لخليقة في الصخراء، بل كأن لا وجود للصحراء، أو كأنه السكون الذي سبق ميلاد الكائنات،بل سبق ميلاد الصحراء. استشعر في ذلك المساء لذة غامضة، لذة لم يعرفها منذ الطفولة، لأنها كانت الزمن الوحيد الذي عرف فيهالاستسلام للشكون، والرحيل إلى السماء المرضعة بحشود النجوم، الرحيل الذي سيدرك فيها بعد أنه هو ما يلقبه العقلاء وأصحاب الكهانةباسم التأمل، هذه اللفظة الصغيرة التي لا ينطقونها إلا بمراسم الإجلال الشديد، ويعلقون عليها آمالا خفية دائما.
المؤلف: ابراهيم الكوني
عدد الصفحات:190